×

مرتزقة يقاتلون حماس بغزة..

مرتزقة يقاتلون حماس بغزة..

Spread the love

باريس  – الفجر – آلاف من المرتزقة يقاتلون في صفوف الجيش الصهيوني من جنسيات مختلفة وفق تقارير صحفية وسياسية. وتعالت أصوات دولية مؤخرا بضرورة محاكمتهم، في ظل الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، بالموازاة مع صمت مطبق للسلطات الإسرائيلية، ما أثار التساؤل حول حقيقة هؤلاء المرتزقة. ورغم أن استعانة إسرائيل بمرتزقة من الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وأوكرانيا والعشرات من دول العالم ليس بالأمر الجديد في حروبها التي خاضتها منذ 1948، إلا أن هذه المرة بدأت أصوات الإدانات تعلوا بسبب حجم الجرائم المرتكبة في غزة مقارنة بأي حرب سابقة. ولم يخف الناطق العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، ، شكوكهم في استعانة الجيش الصهيوني »بمرتزقة في عدوانه على قطاع غزة »، مستدلا بالفارق بين عدد القتلى الذين يسقطون في القتال مع مقاتليهم وما يعلنه الجيش الإسرائيلي. وقال أبو عبيدة، « أعداد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في المواجهات أعلى بكثير من الأعداد التي اعترف بها الاحتلال ». ولكن الأمر لم يقف عند شكوك كتائب القسام في وجود مرتزقة يقاتلونهم في ميادين الحرب بغزة، بل وصل الأمر إلى مطالبات في البرلمان الفرنسي بمحاسبة الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي. أما في جنوب إفريقيا، فخطت خطوة متقدمة وجريئة، وهددت حكومتها مواطنيها والمقيمين من المشاركين بالقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي بالملاحقة القضائية. وتعد جنوب إفريقيا الحكومة الوحيدة التي أعلنت رسميا ملاحقة مواطنيها الذين يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهو ما يؤكد ضمنا وجود مرتزقة من هذا البلد الأفريقي يقاتلون حماس في غزة، ومع ذلك التزمت تل أبيب الصمت، دون نفي أو تأكيد. لكن التحقيق الذي نشرته صحيفة « إلموندو » الإسبانية والذي تضمن مقابلة مع مرتزق إسباني في الجيش الإسرائيلي، كان أبرز دليل على استعانة تل أبيب بجيش صغير من المرتزقة، مقابل 3900 يورو في الأسبوع الواحد، قابلة للزيادة حسب المهام الموكلة لكل مرتزق، أكدته شبكة « أوروبا1 » الفرنسية.

المرتزقة الفرنسيون

أثار تقرير نشرته شبكة « أوروبا1 » الفرنسية عن تجنيد الجيش الإسرائيلي 4 آلاف و185 من مزدوجي الجنسية الفرنسية – الإسرائيلية للقتال في صفوفه على الجبهة في غزة، ضجة إعلامية في فرنسا وخارجها. ونقل التقرير شهادة مرتزق فرنسي يهودي يدعى إيثان (22 سنة) التحق بالجيش الإسرائيلي قبل سنتين، ويقاتل حاليا في الخطوط الأمامية بقطاع غزة برتبة رقيب أول في قوات النخبة. وتقول الشبكة إن المرتزق الفرنسي « واحد من نحو 4185 جنديًا من الجنسية الفرنسية تم حشدهم على الجبهة (غزة)، وهي الجنسية الأجنبية الثانية الممثلة بعد الولايات المتحدة ». ووصلت أصداء هذا التقرير إلى قبة البرلمان الفرنسي، حيث طالب النائب توماس بورتس، عن حزب « فرنسا الأبية » اليساري، بمحاسبة هؤلاء المجندين مزدوجي الجنسية، وإدانة مشاركتهم في جرائم الحرب بأكبر قدر من الحزم ». كما طلب من وزير العدل « تقديم الأشخاص الذين يحملون الجنسية الفرنسية، بما في ذلك مزدوجي الجنسية، المدانين بارتكاب جرائم حرب، إلى العدالة الفرنسية لتتم محاكمتهم على الأراضي الفرنسية ». جمعية « التضامن الفرنسية الفلسطينية »، انخرطت هي الأخرى في هذا النقاش، واستنكرت في بيان لها « وجود العديد من الرجال والنساء الفرنسيين في الجيش الصهيوني »، ووصفت الأمر « بالمثير للاشمئزاز » نظرا « للإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة »، وفق ما نقلته إذاعة مونتي كارلو الفرنسية. وأغلب الفرنسيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية من اليهود، الذين يمثلون نحو 1 بالمئة من عدد سكان فرنسا البالغ عددهم نحو 65 مليون نسمة، ويأتون في المرتبة الرابعة بعد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا. ووفق المرصد الأورو المتوسطي لحقوق الإنسان، الذي يوجد مقره في جنيف، « هناك برامج في إسرائيل تسمح لأي شخص يهودي للخدمة في الجيش »، بغض النظر عن جنسيته الأصلية. لكن ليس وحدهم يهود الشتات من يسمح لهم بالقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، بل يوجد أيضا مرتزقة من ديانات مختلفة تم تجنيدهم مقابل المال، وفق شهادات وتقارير.

 دولة تلاحق مرتزقتها

في الوقت الذي تغض فيه الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وأوكرانيا.. النظر عن مواطنيها الذي يقاتلون في الجيش الإسرائيلي، بل يتم تقديمهم للرأي العام في الإعلام المحلي « كأبطال » وليس « كمجرمي حرب » كما يطالب الضحايا الفلسطينيون في غزة، فإذا بجنوب إفريقيا تتخذ موقفا مغايرا. فبعد حصول وزارة خارجية جنوب إفريقيا على تقارير تفيد بأن بعض مواطنيها انضموا إلى الجيش الإسرائيلي أو أنهم يفكرون في القيام بذلك، هددتهم بالمحاكمة وسحب الجنسية (للمجنسين). وجنوب إفريقيا من بين خمس دول تقدمت بدعوى قضائية لدى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة، كما أن رئيس البلاد، سريل رامافوزا، وصف جرائم الجيش الإسرائيلي في غزة بأنها « إبادة جماعية ». وقال بيان الخارجية الجنوب إفريقية، « تشعر حكومة جنوب إفريقيا بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن بعض مواطنيها والمقيمين الدائمين انضموا أو يفكرون في الانضمام إلى قوات الدفاع الإسرائيلية في الحرب بغزة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى ». وحذرت أنه « من الممكن أن يساهم مثل هذا الإجراء في انتهاك القانون الدولي وارتكاب المزيد من الجرائم الدولية، مما يجعلهم عرضة للمحاكمة في جنوب إفريقيا ».

صمت صهيوني

رغم التقارير الكثيرة التي تحدثت عن مشاركة مرتزقة في الجيش الصهيوني سواء في الحرب الحالية أو منذ تأسيس إسرائيل، في قوات النخبة أو طيارين حربيين وفنيين وأمنيين في الصفوف الخلفية، بل إنه تم تأكيد سقوط مرتزقة في حرب 2014 على غزة، إلا أن تل أبيب مازالت تلوذ بالصمت في هذه الحرب، ولا تقدم إحصائيات واضحة عن أعدادهم. لكن في 2014، تحدث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن نحو 6 آلاف مرتزق في الجيش الإسرائيلي، منهم أكثر من ألفين من الولايات المتحدة، بينما قدر تقرير صادر عن وحدة البحث والمعلومات في الكنيست (البرلمان الصهيوني) متوسط المرتزقة الملقبين بـ »الوحيدين » (دون عائلات) بـ5 آلاف و500 جندي في السنة الواحدة، ما بين عامي 2002 و2012. لكن الملفت في قضية المرتزقة الأجانب، أن المواطن الفرنسي في الجيش الإسرائيلي « إيثان »، لم يدل بتصريحه إلى « أوروبا1″، إلا بموافقة من قائد سريته في الجيش الإسرائيلي، بحسب تقرير الشبكة. أي أن الرقابة الإسرائيلية لا تمانع من أن يدلي مقاتلوها الأجانب « بتصريحات محسوبة » للإعلام الأجنبي، ما دام أن ذلك يصب في مصلحتها، بهدف تشجيع المرتزقة للالتحاق بجيشها إما من أجل المال أو بسبب العصبية الدينية. إذ أن « 80 بالمئة من الجنود الوحيدين (من غير عائلات) أتوا بمفردهم و20 بالمئة منهم يهود »، بحسب تصريحات من وزارة الدفاع الإسرائيلية،  أن النسبة الأكبر من الجنود الأجانب « مرتزقة ». فالاستعانة بالمرتزقة يقلص عدد القتلى « الرسميين » في صفوف الجيش الإسرائيلي المعلن عنهم، لتجنب التأثيرات السلبية للأرقام الحقيقية على الرأي العام الداخلي، كما أن الاستعانة بهم يسمح بتسريح عدد أكبر من جنود الاحتياط للعودة إلى وظائفهم المدنية وتقليص الخسائر الاقتصادية، بينما يمكن تغطية النفقات على المرتزقة عبر المنح السخية للولايات المتحدة الأمريكية ولتبرعات يهود الشتات. لم يكن تجنيد المرتزقة من حول العالم للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الحروب والعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين فكرة جديدة، حيث سبق أن أطلقت الحركة الصهيونية والعصابات اليهودية مشروع تجنيد المرتزقة واليهود من حول العالم للقتال في فلسطين، بداية أربعينيات القرن الماضي، من خلال منظمة « ماحل » (متطوعون من الخارج إلى إسرائيل). وواصل الجيش الإسرائيلي، منذ النكبة وحرب 1948، الاعتماد على المرتزقة في تطوير القوات العسكرية والوحدات القتالية، للمشاركة في الحروب أو القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مقابل أجور عالية ومزايا ومخصصات نهاية الخدمة، حيث تم مأسسة فرق المرتزقة من خلال مشاريع « الجندي الوحيد » أو « الجنود مزدوجو الجنسية ». وتمكنت « ماحل » عام 1947 من تجنيد أكثر من 3 آلاف متطوع من 37 دولة من أوروبا وأميركا، غالبيتهم العظمى من اليهود الذين تم تدريبهم على القتال، وجاؤوا إلى فلسطين خلال عام 1948 للقتال إلى جانب العصابات والتنظيمات اليهودية المسلحة، ومساعدتها في « إقامة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني ».

جيش المرتزقة

نشط مبعوثو « ماحل » في السر بين الشبان اليهود، ووجهوا نداءهم بشكل خاص إلى قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، بينما وجد متطوعون آخرون من أوروبا طريقهم إلى القائمين على التجنيد بمبادرة منهم، حيث تم إنشاء مركز للتجنيد في باريس. واستغل المتطوعون المرتزقة إقامتهم في المعسكرات بفرنسا للتدريب الأساسي، تحت إشراف مرشدين من الحركة الصهيونية، حيث كان اليهود ينتظرون دورهم للهجرة إلى فلسطين، ووصل جميع المرتزقة والمتطوعين اليهود فلسطين عام 1948، وشاركوا بالحرب وتهجير شعب فلسطين. وبرز حضور المرتزقة ممن جندتهم الحركة الصهيونية في الجيش الصهيوني بعد النكبة، وكانوا الحجر الأساس لسلاح الجو والبحرية والبرية، وبعد تأسيس الجيش وانتهاء الحرب غادر الكثير منهم فلسطين. وعام 1952، تم إنشاء حي « نيفي مال » وهو مجمع سكني يضم 100 شقة، ويقع شرق تل أبيب، وكانت تسكنه عائلات من المرتزقة من إنجلترا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. استلهم الجيش الصهيوني النجاح الذي حققته « ماحل » في تجنيد المرتزقة والمتطوعين اليهود، وأسس بشكل رسمي مشروعا خاصا داخل الجيش أطلق عليه « الجندي الوحيد » إذ إن الغالبية العظمى من الجنود الوحيدين أتوا إلى إسرائيل بدون عائلاتهم، ويحصلون على امتيازات وأجور مرتفعة، كما يسمح لهم بالعمل الخاص إلى جانب خدمتهم بالجيش ا الصهيوني. وبحسب معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية ووحدة البحث والمعلومات بالكنيست، بلغ عدد « الجنود الوحيدين » في الجيش الإسرائيلي قرابة 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة، وتبلغ نسبة اليهود منهم 20% فقط، بينما 80% أتوا بمفردهم ودون عائلاتهم، مما يعني أن النسبة الأكبر من الجنود الوحيدين الأجانب مرتزقة. ويشارك « الجنود الوحيدون » إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة والمعارك البرية، حيث يخدم نصفهم في وحدات قتالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال. ويحصل « الجندي الوحيد » على العديد من المزايا، مثل منحة شهرية ثابتة تقدر بآلاف الدولارات بالإضافة لأجره، وبطاقات الهدايا في أمسيات الأعياد، ومنحة الزواج، ومنح الطرود الغذائية، ومزايا مالية متنوعة، وتمويل رحلة جوية لزيارة الوالدين بالخارج، ومساعدة في الإيجار، وتمويل صيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب.

 الجنسية المزدوجة

تتربع روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا وجنوب أفريقيا على قائمة الدول التي يشارك مواطنوها في صفوف الجيش الإسرائيلي، سواء كمجموعات من المرتزقة يتم تجنيدهم عبر شركات أمنية إسرائيلية خاصة، تنشط على مدار العام حول العالم، أو من خلال الخدمة العسكرية بالجيش الصهيوني بسبب « الجنسية المزدوجة ». وقدرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية « كان » أن هناك عشرات الآلاف -من المهاجرين الروس من أصحاب « الجنسية المزدوجة » الإسرائيلية والروسية- ما زالوا يخدمون بالجيش الإسرائيلي في سياق الخدمة المدنية وضمن قوات الاحتياط، ويشاركون في الحرب على غزة، في ظل مخاوف إسرائيلية من احتمال أن يتم تجنيدهم في الجيش الروسي بحرب أوكرانيا. وفضحت تغريدة للاعب كرة القدم السابق إريك كانتونا جيش المرتزقة ومقاتلي الجنسية المزدوجة، الذين يشاركون بالحرب على غزة ففي منشور له على حسابه على « إنستغرام » تساءل النجم السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الفرنسي عن كيفية تعامل الدولة مع الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين سافروا للتجنيد أو التطوع في الجيش الإسرائيلي بالحرب على غزة. وكتب كانتونا « هؤلاء الجنود الأربعة آلاف الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية الفرنسية، والذين غادروا البلاد للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الفلسطينيين، بحجة شن حرب ضد حماس، هل سيتمكنون من العودة إلى فرنسا وكأن شيئا لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟ ». وتحدثت صحيفة « غلوبس » عن تقرير جديد صدر قبل أيام من الجانب الروسي، يفيد بأن المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي « حزموا أمتعتهم وتحركوا للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة ». وفي سياق تعزيز صفوف « جيش المرتزقة » خلال الحرب على غزة، كشف الموقع الإلكتروني لصحيفة « يديعوت أحرونوت » النقاب عن آلاف المهاجرين الجدد الذين فروا من أوكرانيا وروسيا بسبب الحرب، وحشدوا للتطوع في قواعد الجيش الإسرائيلي للقتال وجمع التبرعات والمعدات لصالح الجنود، ويقدر أن نحو 1500 مهاجر جديد من روسيا وأوكرانيا لديهم قدرة على القتال والخدمة العسكرية. كما أن المئات من الجنود الأوكرانيين مكثوا في إسرائيل للعلاج والتأهيل، جراء إصابتهم خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ولم يعودوا إلى كييف، ويقدر أن الكثير منهم انخرط بالقتال والتوغل البري بالقطاع ضمن فرق المرتزقة. ويأتي ذلك، بينما تكتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية على مشاركة أوكرانيين إلى جانب الجيش في الحرب على غزة، والمعارك البرية بالقطاع، لكن مقاطع فيديو وتقارير صحفية وثقت انضمام مقاتلين أوكرانيين للقتال مع الجنود الإسرائيليين في غزة، وقد قتل 7 منهم بمعارك حي الشجاعية. وفي مؤشر آخر لاستعانة الجيش الإسرائيلي بمرتزقة، هددت خارجية جنوب أفريقيا مواطنيها الذين يعيشون بإسرائيل، وحذرتهم من الانضمام لجيش إسرائيل بالحرب على غزة، وأكدت أن ذلك يعرضهم لخطر الملاحقة القضائية في البلاد بتهمة انتهاك القانون الدولي. علما بأن هناك الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا يعيشون في إسرائيل.

Laisser un commentaire

francais - anglais ..