×

تراجع ملفت في شعبية الرئيس الفرنسي

تراجع ملفت في شعبية الرئيس الفرنسي

Spread the love

 

بعد انتخابه رئيسا لفرنسا في السابع من مايو/أيار 2017، نشرت مجلة « ذي ايكونوميست » البريطانية على غلافها صورة له وهو يمشي على سطح الماء. لكن بعد مئة يوم من فوزه، يغرق إيمانويل ماكرون في استطلاعات الرأي وسط تشكيك متزايد في إدائه. وتبدو الأرقام الأخيرة بمثابة تحذير إذ أعرب 36% فقط من الفرنسيين عن ارتياحهم لإداء الرئيس، مقابل 62% قبل ثلاثة أشهر، بحسب معهد « إيفوب » لاستطلاعات الرأي، في تراجع غير مسبوق منذ هبوط شعبية جاك شيراك عام 1995. وأوضح جيروم فوكيه من معهد « إيفوب » أن « إيمانويل ماكرون يخرج من فترة السماح ليدخل الأجواء الفعلية ويتحمل الكلفة السياسية لقراراته وإن كان ماكرون وفى بعدد من وعوده الانتخابية، مثل التصويت على قانون حول أخلاقيات الحياة السياسية بعد حملة انتخابية تخللتها فضائح، فإن تدابير تم إقرارها بهدف تقليص العجز في الميزانية أثارت استياء العديد من الفرنسيين. ومن منتقدي سياساته موظفو الدوائر الرسمية الذين يستنكرون الإعلان عن تجميد مستوى أجورهم، والمتقاعدون الغاضبون من الزيادة المزمعة في ضريبة ستنعكس على معاشاتهم التقاعدية، والأسر المتوسطة التي خاب املها إزاء تخفيض المساعدات المخصصة للسكن. كما دفعت خطة لتقليص ميزانية الدفاع رئيس هيئة أركان القوات الفرنسية على الاستقالة بعد تأنيب حاد اللهجة من الرئيس أثار توترا في صفوف العسكريين. وعنونت صحيفة « لو فيغارو » المحافظة السبت « ماكرون في مواجهة فتور الفرنسيين ويثير إيمانويل ماكرون الذي كان مجهولا تقريبا لدى الراي العام قبل خمس سنوات فقط، منذ خوضه العمل السياسي قدرا كبيرا من الحماسة والرفض على السواء، إذ يبعث لدى البعض أملا في التغيير، فيما يجسد برأي البعض الآخر النخبة السياسية والاقتصادية. واكتسح حزبه الفتي « الجمهورية إلى الأمام » في حزيران/يونيو غالبية مقاعد الجمعية الوطنية، لكن افتقار نوابه إلى الخبرة يثير الانتقادات. كما أن القاعدة الناخبة للرئيس الفرنسي الأصغر سنا الذي انتخب في الـ39 من العمر، تبدو هشة وسياسته الوسطية القائمة على برنامج يستعير « من اليسار واليمين »، تواجه انتقادات من طرفي الأوساط السياسية. وقال أحد أبرز وجوه المعارضة اليمينية إريك فورت « لم يتم إنجاز أي عمل صعب حتى الآن »، فيما يندد الاشتراكيون ببرنامج « ليس من اليسار ولا من اليمين ورد المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير على موقع فيسبوك أن الكل يدرك « جسامة المهمة الواجب القيام بها »، لكن هذه الأيام المئة الأولى « سمحت بإرساء القواعد لتحول عميق في بلدنا ». لكن يبدو أن استئناف الحياة السياسية بعد عطلة الصيف سيشهد بلبلة مع الإصلاح المرتقب لقانون العمل بناء على خط يعتبر مؤيدا لمصالح الشركات. ودعت نقابتان منذ الآن إلى يوم احتجاجات في 12 أيلول/سبتمبر، فيما يعتزم اليسار الراديكالي تنظيم « تجمع شعبي » في 23 من الشهر ذاته. ويبدو أن إقرار الميزانية للعام 2018 سيواجه صعوبات أيضا حيث يتوقع أن ينص على تخفيض بقيمة 11 مليار يورو كاقتطاعات إلزامية على أن يقترن هذا الإجراء بمدخرات جديدة ولم يواجه الرئيس العقبات ذاتها على الساحة الدولية حيث فرض نفسه أمام أبرز شخصيتين على الساحة الدولية، الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، وقد استقبلهما بنجاح في باريس رغم بعض الانتقادات. ويحرص ماركون المؤيد بشدة لأوروبا، على إظهار تفاهمه مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ويأمل في التمكن من إنعاش الاتحاد الأوروبي بعد نكسة قرار بريكست في المقابل، أثار موقفه « البراغماتي » بشأن سوريا واقتراحه بإقامة مراكز إيواء للمهاجرين في ليبيا المزيد من التحفظات وكتب كاستانير مبديا ارتياحه أن فرنسا « أعادت التموضع في وسط اللعبة » السياسية وتثير استراتيجية التواصل المدروسة بعناية التي يعتمدها الرئيس وتخصص حيزا كبيرا للصور، ردود فعل متباينة. فبعد عملية إنزاله الملفتة من مروحية على متن غواصة، قوبل ظهوره مرتديا بدلة الطيارين في قاعدة جوية بجنوب فرنسا بتعليقات ساخرة على شبكات التواصل الاجتماعي. والخطر برأي جيروم فوركيه هو أن « ينتقل الفرنسيون تدريجيا من قول +إنه بارع وينجح في كل ما يفعل+ إلى قول +كل هذا في الواقع هو مجرد استعراض إعلامي في المقابل، فإن علاقته غير التقليدية مع زوجته بريجيت البالغة من العمر 64 عاما، أقنعت على ما يبدو الفرنسيين الذين تبدي غالبيتهم إعجابا بالسيدة الأولى. وحققت قمصان تي-شيرت سوقتها علامة تجارية رائجة وعليها اسمها « بريجيت » مبيعات فاقت مبيعات قمصان « بيونسي ».  ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تدهور صورة الرئيس الفرنسي تأتي الفكرة القائلة بان الإعلام الفرنسي ساند بصورة عامة إيمانويل ماكرون خلال حملة الانتخابات الرئاسية، حيث رأى فيه مرشحا يدعو إلى الحداثة وقادرا على التغيير السياسي والاجتماعي في البلاد. إلا أن هذا الإعلام نفسه بدأ ينقلب عليه ويعامله بنفس العنف الذي عامل به الرئيس السابق فرانسوا هولاند وهو ما يعرف بـ » الباشينغ » بالانكليزية أي الضرب المتواصل. ويشرح الخبراء في ميدان الإعلام هذا التغيير في كون الصحافيين الفرنسيين يحاولون دائما الظهور بمظهر المدافع عن حرية التعبير وحرية الصحافة. ويرون أن من واجبهم التسليط أولا وقبل كل شيء على أخطاء الرئيس حتى يثبتوا للجميع مدى استقلاليتهم عن السلطة حتى وإن كانوا مبالغين في النقد.

Laisser un commentaire

francais - anglais ..